Food and Agriculture Organization of the United NationsFood and Agriculture Organization of the United Nations

جواهر من المعلومات تساعد المزارعين في كمبوديا على الصمود أمام تغيّر المناخ


تعزيز قدرة المزارعين على الوصول إلى المعلومات المناخية والأسواق المميّزة

Share on Facebook Share on X Share on Linkedin

يُعدّ حوض نهر تونلي ساب، والسهل المحيط به الذي تغمره الفيضانات، من أهم المناطق الزراعية في كمبوديا، غير أنهما أيضًا من أكثرها عُرضة للفيضانات والجفاف. وبالنسبة إلى مزارعي المنطقة، أدّى تغيّر المناخ إلى تراجع الغلات الإجمالية للمحاصيل بنسبة تتراوح بين 20 و30 في المائة. ©FAO/Pisey Khun

17/11/2025

تحمل السيدة Soda Thai صورة قديمة بين يديها. وتظهر في الصورة وهي تحتضن طفلها، وإلى جانبها زوجها بملابس مهترئة. وتتذكّر تلك الأيام الصعبة وتقول: "كنت آنذاك بلا عمل، ولا منزل، ولا أرض. ولم تكن لديّ حتى الموارد التي تمكّنني من العمل في الزراعة". فقبل ثمانية عشر عامًا، لم تكن لتتدبّر أمورها لولا المساعدات الاجتماعية التي قدّمتها حكومة كمبوديا.

أمّا الآن، فقد أصبحت السيدة Soda تملك منزلًا ونصف هكتار من الأرض. والتحق وَلَداها بالجامعة، فيما تشغل هي منصب نائب مدير تعاونية زراعية ناجحة في بلدية كين سانغكي، في مقاطعة سييم ريب.

وتقول بفخر: "أحصل على دخل شهري منتظم من بيع منتجاتي، بما في ذلك الخضروات التي أزرعها. كما حصلت على قرض أعتزم استخدامه لتوسيع نشاطي الزراعي من خلال شراء مزيد من الأراضي".

وتنسب الفضل في هذه النقلة النوعية إلى تعاونها مع مزارعين آخرين في إطار التعاونية الزراعية Sovatepheap Thoamacheat، المعروفة باسم "المزرعة الإيكولوجية". وتقع هذه التعاونية في حوض تونلي ساب، ضمن السهل الذي تغمره مياه بحيرة تونلي ساب ونهر الميكونغ خلال فترات الأمطار الموسمية. ويُعدّ هذا الحوض من أهمّ المناطق الزراعية في كمبوديا، غير أنه أيضًا من أكثرها عُرضة للفيضانات والجفاف. ويؤكد الخبراء أن تغيّر المناخ سيؤدي في المستقبل إلى مزيد من التقلبات في معدلات هطول الأمطار وإلى ازدياد الظواهر المناخية المتطرفة.

وتوضح السيدة Soda، وهي مزارعة خضروات، قائلة: "لقد كان لتغيّر المناخ أثر بالغ في حياتنا. فتراجعت بداية مداخيلنا بعدما شهدت إنتاجيتنا انخفاضًا كبيرًا. وازداد من ثمّ انتشار الآفات والأمراض بشكل ملحوظ".

وتلقّت السيدة Soda، وأعضاء التعاونية الملتزمون، تدريبًا على كيفية الوصول إلى المعلومات المناخية لاتخاذ قرارات مستنيرة بشأن الأنشطة الزراعية، وللتمكّن من النفاذ إلى الأسواق المميّزة. ويأتي هذا التدريب في إطار مشروع الشراكة بين القطاعات العامة والاجتماعية والخاصة من أجل زراعة سليمة بيئيًا وسبل عيش قادرة على الصمود (PEARL).

وتتولى تنفيذ هذا المشروع منظمة الأغذية والزراعة للأمم المتحدة (المنظمة) بالشراكة مع حكومة كمبوديا وبتمويل من الصندوق الأخضر للمناخ. ويهدف مشروع PEARL إلى تحسين سُبل عيش نحو 000 450 شخص موجودين على الخطوط الأمامية لمواجهة آثار تغيّر المناخ في كمبوديا.

في إطار مشروع الشراكة بين القطاعات العامة والاجتماعية والخاصة من أجل زراعة سليمة بيئيًا وسبل عيش قادرة على الصمود (PEARL)، المموّل من الصندوق الأخضر للمناخ، يتولّى المسؤولون الزراعيون في المجتمعات، بعد تدريبهم على يد منظمة الأغذية والزراعة، تعليم أعضاء تعاونية "المزرعة الإيكولوجية" التقنيات الزراعية القادرة على الصمود أمام تغيّر المناخ، وتزويدهم بالمهارات الخاصة بالأعمال التجارية التي تمكّنهم من النفاذ إلى الأسواق المميّزة لبيع خضرواتهم. ©FAO/Pisey Khun

ويتولى في إطار هذا المشروع المسؤولون الزراعيون في البلدية، الذين درّبتهم المنظمة، دعم المزارعين من أجل اعتماد أساليب زراعية قادرة على الصمود أمام تغيّر المناخ وصقل مهاراتهم في مجال الأعمال الزراعية. ويقول السيد Toeum Nguon، أحد المسؤولين الزراعيين، إنه يعلّم السيدة Soda وزملاءها المزارعين، كيفية إعداد خطة عمل "تمكّن المجتمع المحلي من تلبية متطلّبات السوق من خلال الزراعة المنظَّمة". والأهم من ذلك، أنّ هذه الخطط تساعد أعضاء التعاونية على التقدّم بنجاح للحصول على قروض.

وتوضح السيدة Rebekah Bell، ممثلة المنظمة في كمبوديا، قائلة: "في حالة الخضروات، يتمثّل الهدف في جمع المزارعين معًا وربطهم بالأسواق وأنظمة الطلب. ونحن نسعى إلى زراعة المحاصيل التي يحتاج إليها السوق، والتي تُحقّق الخيارات الأعلى قيمة للمزارعين. ويتيح نموذج التعاونيات للمزارعين تحقيق الجزء الأكبر من القيمة المضافة". 

وجرى أيضًا في إطار المشروع تحديث محطات الأرصاد الجوية في المقاطعات الأربع الواقعة شمال حوض تونلي ساب وباتت اليوم قادرة على إصدار نشرة زراعية مناخية شهرية تتضمّن توقّعات مناخية مخصّصة للمحاصيل الرئيسية. وتقدّم هذه النشرات نصائح حول تقنيات الزراعية القادرة على الصمود أمام تغيّر المناخ من أجل تفادي أسوأ الآثار قبل وقوعها. ويحرص السيد Nguon على ضمان حصول السيدة Soda وسائر المزارعين على هذه النشرة عبر أجهزة الحاسوب المحمولة والأجهزة اللوحية والهواتف الذكية.

وتعلّمت السيدة Soda من خلال هذه النشرات حلولًا مستدامة لمواجهة انتشار الحشرات التي تأكل خضرواتها. وتقول برضا: "نستخدم الآن في التعاونية مبيدات طبيعية للآفات ومن ضمنها زيت شجرة النيم. ونتّخذ إجراءات وقائية قبل ظهور هذه الآفات بفترة تتراوح بين أسبوع واحد وثلاثة أسابيع".

ويساهم المشروع أيضًا من خلال جلسات تجمع الحكومة والمزارعين والشركات في بناء شراكات استراتيجية تعزّز عمليات شراء الخضروات والمحاصيل العالية القيمة، وتجهيزها وتسويقها. 

ويقول السيد Davronjon Okhunjonov، المستشار الفني في مكتب المنظمة في كمبوديا: "خلال جلسات النقاش هذه، نحدّد التحدّيات والفرص المتاحة ونساعد المزارعين على إيجاد حلّ للمشاكل بالتعاون مع مختلف الجهات الفاعلة على طول سلاسل القيمة".

تمكّنت المزارعة السيدة Soda Thai، بعد انضمامها إلى التعاونية الزراعية وتلقّيها تدريبًا من منظمة الأغذية والزراعة، من زيادة دخلها من زراعة الخضروات ومن النفاذ إلى الأسواق المميّزة، مثل المطاعم والفنادق. ©FAO/Pisey Khun

وفي قرية دامديك، على بُعد ساعة بالسيارة من مزرعة السيدة Soda، يحين وقت الغداء. وفي أحد المطاعم المحلية، ينهمك الطاهي في إعداد أطباق يستخدم فيها الخضروات الطازجة التي يشتريها من تعاونية "المزرعة الإيكولوجية" وتقديمها كمكوّن رئيسي في وجبات المطعم. وتقول السيدة Leaksrey Ly، صاحبة المطعم: "خضرواتهم ممتازة. فهم لا يستخدمون الأسمدة الكيميائية، بل الطبيعية فقط، كما أن أسعارهم معقولة".

وبالنسبة إلى السيدة Soda، يجلب الانضمام إلى التعاونية الزراعية منافع جمّة. وتقول: "عندما تصبح عضوًا في التعاونية، فإنك تجمع منتجاتك وتبيعها مع باقي أعضاء التعاونية".

ومن خلال توحيد الجهود والنفاذ إلى الأسواق المميّزة، تبني السيدة Soda وشركاؤها الأعضاء في التعاونية حياةً أكثر قدرة على الصمود في وجه تغيّر المناخ، وتحقيق مستقبل ينعم بالأمن الغذائي.